26 - 09 - 2024

هنا نلتقي| اللاجئ الفلسطيني الدجاجة التي تبيض ذهباً

هنا نلتقي| اللاجئ الفلسطيني الدجاجة التي تبيض ذهباً

قبل البدء لابد من التنويه أن الشعب العربي (وليست الشعوب العربية) تآزرت مع النكبة الفلسطينية وطنياً وعاطفياً ومادياً أكثر بكثير من الأنظمة العربية، تلك التي ساهمتْ بطريقة معلنة أو خفية بهذه النكبة، ولن نذكر الأسباب هنا، لأن الوثائق ومئات الدراسات والمقالات فضحت النهج الذي اتُّبع في محاربة العصابات الصهيونية التي استولت على فلسطين في العام 1948، وهذه الأنظمة ظلت حائرة بكيفية التعامل مع اللاجئ رغم صدور توصية من جامعة الدول العربية -آنذاك- تقضي بأن تعامل كل دولة عربية لجأ إليها الفلسطيني، كما تعامل مواطنيها. منهم من استجاب جزئياً، ومنهم من ارتاب كليّا،ً ومنهم من ألقى حِمل اللاجيء على وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (الأونروا) التي لعبتْ دوراً مهماً في البداية في التعليم والعلاج والإيواء في الحدود الدنيا، لكنها بدأت تقلص خدماتها مع زيادة أعدادهم حتى أصبحتْ (الإعاشة) التي تقدمها لا تكاد تسد رمق اللاجئ، أما قضية التشغيل فباتت تستند إلى المحسوبيات والواسطة والرشاوى أحياناً، لأن مؤسساتها أُتخمت ولم تعد قادرة على التوظيف. والأونروا قصة أخرى سنأتي على ذكرها أو سردها في مقالات لاحقة، لكن الأونروا الآن مهددة بالإغلاق.

قضية اللاجيء الفلسطيني كانت ولا تزال الورقة الرابحة التي تبيّض الوجوه، وتنفي التهم، وتزيد رصيد الوطنية، تستخدمها الأنظمة والأحزاب والمنظمات المدنية العربية والعالمية، كما تستخدمها وسائل الإعلام في نفاقها ومواقفها، تلك المواقف التي ظلت حبيسة الحبر والمساحات الورقية

وقضية اللاجئ كانت وما تزال الورقة الرابحة التي تستقطب الاستثمارات؛ والهبات؛ والهدايا؛ والأموال التي ساهمت في إنعاش الدول التي استقبلتْ اللاجئين (وليس استضافتْ)، ومَن يَعلم التفاصيل يدرك أن جزءاً من مواطني هذه الدول استفادوا من المؤسسات التعليمية والعلاجية على هيئة خدمات أو وظائف! 

وقضية "اللاجئين الفلسطينيين" أصبحت الآن الدجاجة التي تبيض ذهباً، فمذ سنوات والدول التي استقبلتهم تقوم بإحصاء عَددهم، وتُعيد "وثيقة السفر" لمَن أجبرته على التنازل عنها حين حصل على جنسية تلك الدول أو دولة أجنبية، وبات بإمكان اللاجئ الذي حصل على الجنسية الأردنية أو اللبنانية استردادها وإعادة اسمه إلى سجلات شؤون اللاجئين، وهذا حدثَ قبل تسريب بنود من صفقة القرن بسنواتٍ طويلةٍ - خمسة عشر عاماً- وربما بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو بسنواتٍ قليلة، لأن المُطّلعين على الملاحق السرية للاتفاقية يعلمون بشطب حق عودة اللاجئ الفلسطيني إلى المكان التي هُجّر منه، ومذ ذلك التاريخ ومراكز الدراسات الصهيونية -على وجه الدقة- تبحث في مصطلح اللاجئ؛ مَن هو؟ هل اللجوء يُوَرّث؟ وتوصلوا إلى أن اللاجئ هو الذي خرج جسدياً ومادياً مِن مكان إقامته في فلسطين إلى دول الشّتات، وليس أبناءه أو أحفاده، وبالتالي فإن عدد اللاجئين الحقيقيين لا يتجاوزون ثمانية آلاف لاجئ، ويمكن تطبيق قرار الأمم المتحدة 194 على هؤلاء، ولنا أن نتخيل أعمار مَن بقي منهم حيّاً!

أما بالنسبة لأبنائهم وأحفادهم فهم (الدجاجة التي ستبيض ذهباً)، وتتمثل في الإعلان الذي كشف عنه "كوشنر" مستشار الرئيس الأمريكي، بتقديم خمسين مليار دولار لكل من لبنان والأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية ومصرعلى مدى عشر سنوات، مقابل مشاريع واستثمارات وغيرها، لكن كوشنر لم يكن شجاعاً أو وقحاً بما يكفي للكشف عن تقديم تعويضات للاجئين الفلسطينيين أو عن إسقاط الديون العامة عن الدول، فدولة مثل لبنان يبلغ دَينها العام 100 مليار دولار ومعرضة للإفلاس في أي وقت، وصندوق النقد الدولي وضع شروطاً حاسمة قبل شهورٍ قليلة للتعامل مع الدَّين العام.

فهل هناك إجابة أكثر وضوحاً لمطالبة وزارة العمل اللبنانية للعمالة الفلسطينية بتسوية أمورهم والحصول على إجازات عمل؟ رغم أن وزير العمل قد صرح في الخامس عشر من شهر يوليو/تموز الحالي بأن الفلسطينيين يستطيعون العمل في الوظائف كلها باستثناء الوظائف التي لها نقابات! ويا للهَول.. كل مهنة في لبنان من الطبيب إلى الميكانيكي إلى عمال النظافة لديهم نقابات في لبنان! وللحديث بقية.
---------------------
بقلم: أنور الخطيب
شاعر وكاتب فلسطيني

مقالات اخرى للكاتب

عالم ما بعد كورونا